السبت، 27 ديسمبر 2008

ثقافتنا الفكرية في أوروبا


ثقافتنا الفكرية في أوروبا
أحمد البادي*


عندما أقف أمام تاريخنا العربي الثقافي في أوروبا أبدأ بالبحث عن السر الكامن وراء تراجع العنصر العربي ثقافيا ً، تماما ً كما أقف أمام فنجان القهوة العربية لأعرف ما هو سر إختلاف لونها من البني القاتم إلى اللون الأخضر وخاصة عندما تكون في قعر الفنجان راقبت تلك القهوة كثيراً لأعرف ما هو السر إلا أنني لم أعرفه لكن لدي اليقين أن هناك تفكك لجزيئات أفقدت القهوة لونها البني وتغير لونها إلى الأخضر وأحيان أخرى أقول أن القهوة كالجسم المغطى بأثواب فعندما تخلع ثوبها لا يظهر سوى الثوب الذي تحته وهلم جرّا من هلوساتي التي لا تنتهي .

ربما أخذتكم بعيدا ً عن صلب الموضوع لكن كان ذلك مثال غريب شيئا ً ما لإنسان ربما يكونُ غريبا ً، ولكن لاضير من أن أكون كذلك فالتاريخ العربي في أوروبا أيضا يعيش غريبا في تلك البلدان إلا أننا نختلف في الغرابه بين الطور والمكان فالمكان يحمل طورا أيضا ً أي انه حمل طورا عربيا في يوم من الأيام وإن ما خلفه العرب من الثروات الفكرية الثقافية أستغله أصحاب المكان أحسن استغلال .
ماذا ستكون النتيجة لو وقفنا مع أنفسنا قليلا ً ولو جعلت من نفسي ساذجا ً وحولت هذه الكلمات إلى رياضايات لقلت ( ثقافة + فكر + ....... = حضارة ) ...

الفكر هو الأساس الذي تقوم عليه الحضارة وقد ترك العرب للغرب ثروات فكرية وثقافية لا تُقدر بثمن فتمثالي طارق بن زياد و ابن رشد اللذان ينتصبان في متحف الشمع بمدريد وتمثال المنصور بن أبي عامر في الجزيرة الخضراء ومتحف الشمع أيضا أما تمثال عبدالرحمن الداخل ( صقر قريش ) فلا يزال منتصبا ً ممسكا ً سيفه في مدينة المنكب وساحة ابن الخطيب في مدينة لوشه لهي شواهد على جزالة الفكر العربي وبعد كل هذا ألم نسأل أنفسنا لماذا قامت تلك الدول بنصب تلك التماثيل في دولها ؟ وما الذي جعل من الغرب يحترمون أولئك الراقدون على أيمانهم ؟

فابن رشد فقيه مالكي وقاضي القضاة في زمانه وطبيب نطاسي تفوق على اساتذته حتى أن استاذه ابن زهر قال عنه " ابن رشد أعظم طبيب بعد جالينوس " كما أنه فيلسوف عقلاني والمترجم لأعمال ارسطو المرجعية للمسلمين وفلكي ذو أعمال جليلة في المضمار، وهو نفسه المتكلّم الذي تصدى لنقد المتكلمين باسم توافق المعقول والمنقول وعلى رأسهم الإمام الغزالي كما كان نحويا لغوياً محدثاً بارعاً ولابن رشد مؤلفات عدة في أربعة أقسام: شروح ومصنفات فلسفية وعملية، شروح ومصنفات طبية، كتب فقهية وكلامية، وكتب أدبية ولغوية وقد اختص بشرح كل التراث الأرسطي. فقد أحصى جمال الدين العلوي 108 مؤلف لابن رشد، وصلنا منها 58 مؤلفاً بنصه العربي. . ويسمي الغرب ابن رشد بـ Averroes .

واجمالا ً.. فما تقدمت بذكره قد ليس سوى نبذه مختصره لفكر واسع ومتشعب فتخيل أخي القارئ 108 كتابا ً من مغانم كثيرة غنمها الغرب حينما أنهى أهل إسبانيا الوجود العربي الإسلامي هناك ونحن في هذا المقال لم نتطرق إلى ابن حزم وعباس بن فرناس وغيرهم الكثير ولم نتحدث عن الحكام العرب الذين حكموا الأندلس كالحكم الثاني الذى وصف بأنه كان جماعاً للكتب وكان يرسل المبعوثين إلى دمشق والقاهرة وحلب وبغداد والمدن الأخرى التى تهتم بالكتب ، وذلك لشراء الكتب بأثمان عالية حتى استطاع أن يجمع نحو 400 ألف مجلد لمكتبته.

لذا نستطيعُ أن نقول أن العرب ترك في أوروبا ثروة فكرية ثقافية لاتزال أوروبا ترتشف منها الرحيق العطر إلى ساعتنا هذه ، فمتى سنعيد أمجاد تاريخنا ونبني قاعده فكرية ثقافية في المشرق كالقاعدة الفكرية الثقافية التي بناها أسلافنا في أوروبا ؟ .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أرشيف المدونة الإلكترونية