الاثنين، 27 أبريل 2009

الأحزاب الإسلامية في عالم اليوم


الأحزاب الإسلامية في عالم اليوم .

" راقب أفكارك لأنها ستصبح أفعالا ً ، راقب أفعالك لأنها ستصبح عادات ، راقب عاداتك لإنها ستصبح طباع ، راقب طباعك لأنها ستحدد مصيرك" هكذا قالوا وبالفعل الطباع تحدد المصير .
يختلف العقل البشري من إنسان إلى آخر فالعقول البشرية لها مشارب مختلفة وللفكر الإسلامي أبواب ومحطات مختلفة يتزود منها المسلم في الحياة بما يراه أو يقتنع به ، والأحزاب الإسلامية ليست وليدة اليوم فقد نشأت بعد مقتل الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه حينما شق أهل الشام عصى الطاعة على الإمام علي عليه السلام الخليفة الراشد الرابع فأصبح حزبان حزب الإمام علي عليه السلام وحزب معاوية بن ابي سفيان ثم انشق حزب ثالث من حزب الإمام علي عليه السلام ثم بعد ذلك تتابع الإنشقاق في الصف الإسلامي وكثرة الأحزاب .
هذا هو حال أمة محمد بعدما أدى الأمانة ونصح الأمة وكشف الغمة وجاهد في سبيل ربه حتى أتاه اليقين وما أروع قول الشاعر حين قال :
تعددتِ الأحزابُ من بعدِ أحمدٍ ** وكلٌ على نهج ٍ هو يراهُ يصيرُ
في هذا الموضوع البسيط الذي يرسم بساطة مدونة نأخذ نظرة عامة حول الأحزاب الإسلامية في عالم اليوم .

حزب العدالة والتنمية التركي ( AKP ) :
تم تشكيل حزب العدالة والتنمية في 14 أغسطس 2001م من قبل النواب المنشقين من حزب الفضيلة الإسلامي الذي تم حله بقرار صدر من محكمة الدستور التركية في 22 يونيو/حزيران 2001، وكانوا يمثلون جناح المجددين في حزب الفضيلة.
مُحاضرة الشيخ الدكتور سلمان العودة التي ألقاها في قاعة عمان بكلية عمان التطبيقية بصحار هي من لفتت أنتباهي إلى حزب العدالة والتنمية التركي فالإطراء على هذا الحزب يدلل على نجاحه .

تركيا من الداخل :

رغم ان تركيا دولة علمانية إلا أن الأحزاب الإسلامية التي تعمل في تركيا ومنها الحزب الحاكم ( حزب العدالة والتنمية ) أحزاب تدعوا إلى المفخرة في حقيقة الأمر على عكس الأحزاب الإسلامية الموجودة في عالمنا العربي فهي غريبة للأسف .
ان السلالم او الطريق التي يمشي عليه حزب العدالة والتنمية يعده البعض معجزة الإقتصاد التركي فقد شهدت تركيا تغير جذري ملوحظ في اقتصادها الذي هو المحرك الشعبي أو الجماهيري لنهضة تركيا .
وكما شاهد البعض الإنتخابات البلدية التي جرت في الفترة الماضية ومدى رضى غالبية الشعب عن هذا الحزب الإسلامي وما حققه من إنجازات .

تركيا من الخارج ( السياسة الخارجية ) :

عندما أتلمس غطاء السياسة الخارجية التركية بحزبها الإسلامي الحاكم أتذكر الدولة العثمانية أيام ذروتها ولكني متأكد من أنه لا عودة لتلك الإمبراطورية ، ولكن سياسة تركيا سياسة مشرفة فالموقف التركي إزاء العدوان الصهيوني على الأراضي الفلسطينية ( غزة ) موقف مشهودٌ لهُ عجز العرب أن يقوموا بصنع مثله فانسحاب رجب طيب اردوجان رئيس وزراء تركيا من مؤتمر دافوس بعدما دخل في مشادة كلامية مع رئيس حكومة الإحتلال الصهيونية شمعون بيريس .
هذا الموقف ذكرني بموقف فاروق الشرع وزير خارجية سوريا السابق ونائب الرئيس حاليا حينما غير من لون اسحاق شامير رئيس حكومة الإحتلال في اجتماع في إحدى الدول الغربية ولكن الفرق أن الشرع لم ينسحب من الإجتماع وضربت رجب طيب اردوجان جائت قاصمة لظهر الحكومات العربية .
كما أن موقف تركيا الأخير الذي رفض تعيين رئيس وزراء الدنمارك كي يكون رئيسا لحلف الناتوا على خلفية إساءة بلاده للرسول صلى الله عليه وسلم ضربة أخرى في العمق الإسلامي العام والعربي الخاص .
هذا هو حزب العدالة والتنمية الإسلامي وهذه هي إنجازاته حيث أن هذا الحزب استثمر الفرص التي اتيحت له ونماها في مصلحة الدولة ومصلحة الشعب هذا ما أعطى الحزب الإسلامي الحاكم أصوات أكثر وثقة أكبر على النقيض مما يحدث في أوطاننا العربية حيث أنه لا ثقة للأحزاب الإسلامية .

الأحزاب الإسلامية في عالمنا العربي :

أدرك ان هذه الموضوع شائك وربما أني أكونُ هدفا ً لسهام بعض الذين يؤيدون الأحزاب الإسلامية في عالمنا العربي ولكن لا ضير فتجربة الأحزاب تجربة مريرة (( فإذا لم تكن معنا فأنت ضدنا )) هذا هو العرف السائد عند البعض .

الجزيرة العربية مصدر الإشعاع الإيماني للرسالة الربانية التي حملها الرسول محمد بن عبدالله صلوات الله وسلامه عليه إلى أقطار هذا العالم فقد غدت الجزيرة العربية قبلة من اهتم بالإسلام وما جاء به سواء من آمن بالله واليوم الأخر أو من كان ذا شغف ٍ على معرفة هذا الدين .
للأسف الشديد بعض التصرفات اللا محسوبة من بعض الذين نصّبوا أنفسهم مسؤولين عن الإسلام أساءوا إليه بقصد أو بدون قصد ولكن الإساءة قد وقعت وأساءَ من أساء فهم الإسلام والرسول محمد صلى الله عليه وسلم وتطاول البعض الأخر بهمجية تملئها الرعونة .
بعض الدول العربية تحتضن أحزاب اسلامية وتنظيمات ولكن هذه الأحزاب والتنظيمات للأسف لاتدعوا إلى الإطمئنان فالنظرة التي تعتري قادة هذه التنظيمات والأحزاب نظرة جزئية لدين عام وشامل لجوانب الحياة فلا يكاد حزب من هذه الأحزاب إلا ويدعوا إلى الوجل .
لو أن الأحزاب الإسلامية في عالمنا العربية قامت بتطوير نظرتها إلى نظرة عامة وحقيقية للدين الإسلامي لنالت شعبية كبرى ولن تركن في زوايا مهمشة ولكن ما يجري في الجزائر من الجماعات التي تدعي إنها اسلامية تنفر وترهب وتسيء .
تمنينا لهذه الأحزاب ان تكون أحزاب اسلامية بنظرة شاملة لا تحشر نظرتها في زاوية وتنفع الأمة بالإسلام وما جاء به من تعاليم وتنظيمات وليس خدمة مصالح شخصية وتصفية حسابات ونظرة ضيقة .

مصر وسوريا والعراق والجزائر ولبنان جُلها تحتضن أحزاب إسلامية ولكن للإسف هذه الأحزاب ليس لديها ما تعطيه.
صحيح أننا لم نرى أية تجربة لهذه الأحزاب ولكن الخوف من النهج المتبع في الجزائر الذي لا يعرف سوى لغة سفك الدماء مما يشوه الرؤيا العامة للدين الإسلامي الحنيف .
لا اعلم لماذا أحزابنا الإسلامية قد نحت منحى واحد فقط لا غير من ديننا الإسلامي الحنيف الشامل لجوانب الحياة العامة .

يحلوا للبعض أن يسمي هذه الأحزاب بالأحزاب الإسلامية الراديكالية و الراديكالية مصطلح قديم منذ العصور الوسطى، وهي تعريب للكلمة
الإنجليزية "Radicalism" وأصلها كلمة "Radical" و تقابلها باللغة العربية حسب المعني الحرفي للكلمة "أصل" أو "جذر"، ويقصد بها عموما (مثل كلمة "أصولية") العودة إلى الأصول والجذور والتمسك بها والتصرف أو التكلم وفقها، ويصفها قاموس لاروس الكبير بأنها " كل مذهب محافظ متصلب في موضوع المعتقد السياسي".
يمكنني أن أعترض على هذه التسمية من حيث أن الإسلام ليس راديكاليا كما صوره من حاول أن يمثله بل ان الأصوليين أو المتشددين هم الراديكاليين وليست الرسالة المحمدية فالرسالة المحمدية رسالة رحمة ومودة وتآلف محمد رسول رحمه محمد منبع الإنسانية ودماثة الخلق محمد الأستاذ والقائد محمد الأب محمد حامل الروح الإيمانية وأصل الطمأنينة .

مثال على مشارب الفكر الإسلامي العربي :

كنتُ أشاهدُ تسجيلا ً لذكرى مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دُعي به علماء ومشائخ من جميع المذاهب الإسلامية في السلطنة وجُلهم لم يُقصر في دعوتهم للوحدة الإسلامية والحث علهيا ونبذ التباغض والكراهية إلا واحدا منهم شذ عن الطريق الذي سلكه من قبله من المحاضرين ( د / ي . ش ) لا أود التهجم على هذا الإنسان ولكن تمنيت أن القائمون لم يتوجهوا إليه بدعوة حضور الحفل فلو بقي في قمقمته لكان خير للأمة وليس له فقط فمنذ أن وقف في الناس خطيبا لم يعرف شيئا سوى التكفير وهو كما يبدوا أنه يعاني من مرض النفسي يسمى ( التعصب ) الذي يبدوا انه يعاني منه وكما ورثه ممن علمه .
هذا الإنسان مثال حي للواقع الذي نتحدث عنه وقف يتحدث ويفتي بينما كان من بين الحضور علماء ومشائخ ومفتي عام السلطنة .
أين الأخلاق الرفيعة التي ربانا عليها الإسلام ، أين مبادئ الإحترام أين الحلم والعقل ، مثل هذه الطفرات التي تحدث تشوه ديننا الإسلامي تشوه سمعتنا كمسلمين إنها صفة مقيته وبغيضة .
نحن أمة واحدة أتمنى أن يعي من ينصبون أنفسهم مناصب أهل العلم ويتجمعون كأحزاب أن هذا انغلاق والإسلام جاء ليحارب ما حشرتم انفسكم به وانظروا إلى منفعة الأحزاب في الأوطان الغير عربية وانظروا إلى حالكم الذي تمثلون به رسالة سماوية .
سأذكركم بقول الله تعالى وهو يخاطب نبيه الكريم حيث قال عز وجل " فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين ) سورة آل عمران – 159 .

أختم موضوعي هذا على أمل أن أغمض عيني وأجد أن الأمة الإسلامية أمة واحدة لا شقاق بها ولافتن أمة واحدة كما تركها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن يصحوا كل من غشيته غمامة التعصب وأن يُظهروا دين الحق كما هو وأن يأخذوا سماحة الدين وسياسته كاملة مكملة بلا تقطيع وأجزاء ... وأذكر بأن البركان حينما يثور لا يُحرِقُ إلا نفسه ُ أولا ً .

أرشيف المدونة الإلكترونية